التلفزيون و التأثير على الوجدان
إعداد \ عصام العادلى
صورة من بحث قصير قدمته إلى الجامعة الإسلامية الدولية ,نظرا لإختلاف نسق الكتابة و ترتيب الصفحات من ملف ( ورد word ) المكتوب به البحث و بين مدونات جوجل اختلف طول الصفحات و بالتالى اختلف تقسيم الهوامش و فصلها فى نهاية كل صفحة .. الهوامش مكتوب بها رقم الأيات و اسم السور , و تخريج الأحاديث , طبقا لقواعد البحث العلمى لا تدرج أرقام الأيات و درجة الأحاديث فى موضوع البحث نفسه لكن فى الهوامش .
مقدمة
بعد دخول التلفزيون إلى بلادنا (مصر)عام 1960 لوحظ دوره فى التأثير على الوجدان و توجيه الناس سواء كان إلى توجهات فكرية مرغوبة أو سلبية .
(التأثيرعلى الوجدان) أقصد به فى هذا البحث :
توجيه و تحريك مشاعر الناس نحو توجهات فكرية سواء كانت إيجابية أو سلبية للتأثير على المجتمع لصناعة رأى عام جديد , بمعنى أن التأثير على وجدان الناس موصل لتغيير الفكر ليس مجرد حالة من المشاعر,وغالبا تكون توجهات مخالفة لفكر قائم و قيم سائدة.
الأمر حساس أكثرعلى النشأ من أطفال و مراهقين حيث يكون من السهل فى هذة الفترة من حياتهم التاثير بالإيجاب أو بالسلب و خاصة من جهاز إعلامى فعال له شعبية واسعة فى كل بلدان العالم ,لأنه وسيلة مرئية و مسموعة مما يسهل التواصل من خلاله إلى البرامج و الأفلام و الحوارات الثقافية و متابعة هذة المواد المقدمة, بل يجعل المشاهدة ممتعة و شيقة لتفاعل المشاهد بالبصر و السمع سويا مقارنة بالراديو مثلا , لذلك دائما ما يحدث نقاشا قويا حول الإيجابيات و السلبيات التى أحدثها و التلفزيون أعنى به كل ما يقدمه شاملا الأفلام السينمائية لأن فعليا أفلام السينما تشاهد على مستوى كبير بواسطة التلفزيون .
و تناولت أثر التلفزيون فى عدة مباحث
المبحث الأول : التلفزيون و القيم الدينية
المبحث الثانى : التلفزيون و شرعية الزواج
المبحث الثالث : التلفزيون و أحكام الطلاق
المبحث الرابع : التلفزيون و الأغانى
البحث
المبحث الأول :التلفزيون و القيم الدينية
من الثابت كما يقول المختصون فى مجال الإعلام أن التلفزيون هو الوسيلة الأولى فى مجال الإعلام تأثيرا على الناس و تغيير توجهاتهم و صناعة رأى جماعى, لكن ما هو نوع التأثير الأكبر الذى أحدثه ؟
هل هو التأثير الإيجابى محصلة بث الأفلام الوثائقية و التسجيلية و برامج العلوم و البرامج الطبية و الثقافية و الأدبية و برامج للتعليم وندوات ؟
أم التأثير السلبى محصلة بث أفلام سينمائية أغلبها غير هادف و أغانى تشغل الوقت هذا إن لم تكن هابطة,فى الوقت الحالى عادة أغانى مسفه مبتذلة مع رقص غالبا ؟
الذى حدث على مستوى العالم كله أن الأثر السلبى كان هو الأكبر لأن فى كل البلدان دون استثناء تكون غالبية ساعات البث للبرامج الترفيهية الساذجة و مسابقات تافهة
و فى بلادنا نجد البرامج الدينية على الهامش سواء عدد ساعات البث أو توقيت عرضها مقارنة بالمواد المرئية الأخرى , و من المضحك أن من السبعينات حتى التسعينات من القرن الميلادى السابق إرتبط فى ذهن الناس رمضان بالفوازير صغار و كبار! أصبح المشاهد كل عام قبيل رمضان يترقب بشوق ليسأل عن فوازير رمضان هذا العام ! من بداية الألفية انتقل الإهتمام إلى المسلسلات فى رمضان و فى السنوات الأخيرة تحول الإهتمام إلى هوس حقيقى !
و أفلام السينما التى عادة فى أغلب قصصها تقدم فكر هابط عن الحريات الأخلاقية و التوسع بمبالغة فى الحرية الشخصية ,و حرية الإختلاط بشكل مبالغ ,و تهميش القيم الدينية و تغيير العادات الأخلاقية للناس تقدم فى التلفزيون بشكل دورى و تعاد عشرات المرات و التكرار مؤثر فى العقل الغير واعى للإنسان , يتلقى الفكرة المعادة بشكل هادىء من كثرة التكرار و إن كان لا يقبلها هو لكن غيره يتلقى الفكرة و يتقبلها .
فى الأفلام المصرية من فترة الخمسينات تقريبا_ ما قبل الخمسينات كان محتملا_ نجد غالبية الأفلام تقدم البطل والبطلة يرقصا و يشربا الخمور بشكل طبيعى فى أحداث الفيلم كانه شىء عادى جدا , تم تقديم صورة علماء الدين بشكل غير لائق و خاصة صورة المأذون الذى كان أيامها يرتدى زى الأزهر, نجد شخصية المأذون فى أى فيلم فى الخمسينات و الستينات شخصية هزلية مضحكة يتحدث باللغة العربية الفصحى بشكل متكلف , يسخر من كلامه أبطال الفيلم ,أحيانا فى بعض الأعمال الدرامية نجده يسأل بلهفة عن الطعام لكى يأكل بشوق بصورة مزرية , تناقش الكثيرون هل هذا مقصود به صورة أئمة الدين أم صدفة ؟
و الجواب الظاهر الواضح بجلاء أنه لو كان مصادفة لما تكرر فى عشرات الأفلام على مدارعقود مع إظهار كل الإحترام فى حوارالأفلام لمن يمثل دور مطربا أو ممثلا (فى سياق قصة الفيلم) !
بينما يظهرعلماء الدين لا يفهمون شيئا فى العصر الحالى.
و لم يكن وضع الأب و الأم أفضل حالا ! فهما فى أحداث الأفلام من الخمسينات حتى السبعينات من القرن العشرين إن اعترضا على الإختلاط و خروج إبنتهم مع شاب فالأعمال الدرامية و السينمائية تقدمهما فى صورة الوالدين المتزمتين القاسيين, اللذان لا يفهما طبيعة العصر و يعاد الأمر فى غالبية الأفلام و المسلسلات ,أى إتفاق بين أهل السينما على هذا الفكر, لكن للحق و لموضوعية منهجية البحث و النقاش العلمى كانت الأفلام تدين الزواج السرى أو تطور العلاقة دون زواج أصلا و تقدم فى نهاية العمل مساوىء الإستهتار بالقيم .
المبحث الثانى : التفزيون و شرعية الزواج
ثم تطور الأمر و اصبح الإستهتار بالقيم _أقصد القيم
الدينية ليست مجرد العادات والتقاليد_ ليصبح عدم الزواج (عيب) لتفادى ( كلام الناس) , وهكذا أصبح (العيب) بديلا عن (الحرام), و ركز على كلمة (العيب) الإعلام بصفة عامة و بعض الصحفيين و الكتاب فى حوارهم فى البرامج و صار الكتاب و الصحفيين مثل أصحاب الكلام و الفلاسفة فى القرون الهجرية الأولى عندما نشروا البدع و أحلوا الحرام وأفتوا فى الدين أصوله و فروعه ,بالتالى أصبح ما يتفق عليه المجتمع أنه ليس عيبا يجوز فعله بغض النظر عن حرمته !
مثال واضح : فى الستينات و السبعينات من القرن العشرين ميلاديا إنتشرت الموضة فى الأزياء و لم يعد مهما إن كانت تناسب القيم الدينية أم لا , و إنتشرت الملابس القصيرة للفتيات كأنه شىء طبيعى جدا لأن المجتمع بوصاية الإعلام و خاصة التلفزيون إتفق أن هذا ليس عيبا !
نأتى للثمانينات بدأت الأفلام تقوم بتهميش قيمة الزواج الصحيح و حدث فعلا فى فيلم لبطل من أشهر وأنجح الممثلين_ الشهرة تؤثر فى قناعة المشاهد بالفكرة_ دار حوار بين البطل والبطلة وهى ممثلة شهيرة أيضا,
جاء فيه أنهما سيتزوجا فى الحال و لم يكن يوجد أحد غيرهما !ٍ فسألته البطلة :
" والشهود ؟ " فأجابها بصوت مؤثر و الدموع فى عينيه : " ربنا شاهد علينا " !!! و طبعا لا يوجد مأذون فى الأحداث ليزوجهما و اعتبرا أنفسهما تزوجا ! إلى هنا و قد نعتبر أن هذا مجرد عمل درامى و الناس تفهم شروط الزواج ؟ هذا ما نظنه !
لكن عدد كبير من البنات فى الطبقات الإجتماعية البسيطة و المحدودة التعليم تأثرن بالمشهد العاطفى !
المهم أن بعد هذا الفيلم وصلت عدة مشاكل إجتماعية كارثية إلى مقدم برنامج إجتماعى شهير يعالج مشاكل الناس فى الإذاعة و فى مجلة أكتوبرهو :
الأستاذ \ضياء الدين بيبرس و كان رحمه الله يتقى ربه فى نصائحه و يحث الناس على إتقاء الله و اتباع الشريعة , كان دائما يذكر الناس فى حلوله لمشاكلهم بأهمية الشرع مرددا عبارة : " الشريعة الغراء "
وردت لبرنامجه مشاكل بنات تزوجن سرا دون شهود و دون مأذون أصلا و كان دليلهم فى رسائلهم له أن فيلم كذا حدث به زواج دون شهود ولا مأذون و البطل فلان قال :
" ربنا شاهد علينا " !!!!!!!!
و كاد الإذاعى المحترم أن يفقد صوابه من هذا الجهل و كتب أيامها فى بداية التسعينات فى مجلة أكتوبر_( كانت المجلة تنشر المشاكل ليقدم رأيه للقراء)_ مستنكرا الفن الهابط و حدد اسم بطل الفيلم علانية و لم يخش من الهجوم عليه و أكد أنه وصلته عشرات المشاكل لبنات كلهن قلن أنهن شاهدن هذا فى الفيلم !
كلهن ضحك عليهن شباب و تزوجوهن دون عقد و لا مأذون و لا شهود !
مجتمع جاهل دينيا و ناقص تربية + فن فاسد + إعلام موجه لتهميش القيم الدينية = فساد كبير !
شروط الزواج الصحيح فى الإسلام :
1) عقد صحيح :
صيغة منجزة واضحة دون إحتياج لتأويل الكلمات للفهم .
2) موافقة الولى :
شرطا فى جميع المذاهب للفتاة البكر, ماعدا مذهب أبوحنيفة فلا داعى للعمل به لأن عقد الزواج ليس محلا للتجارب و الإحتمالات .
3) شاهدى عدل :
أى موثوق فيهما لا يكونا أصدقاء للزوج و مستعدين للإنكار !
4) الصداق :
المهر ويجوز للفتاة التنازل عنه لكن بمعرفة وليها إن كانت بكرا حتى لا يتم استغلالها
من التسعينات حتى الأن تطور الأمر و بدأت السينما و المسلسلات يقدمان من لم يتزوجا أصلا فى إطار أحداث طبيعية جدا كأن شيئا لم يحدث !
كان العقلاء يتسألون طوال عقود هل فعلا هذا الفن الهابط يؤثر فى المجتمع ؟
ليتضح أنه يؤثر و بشدة و لم يكن الترويج للزواج الباطل هو الجزئية الوحيدة
فإن تكرار شرب الأبطال للخمر طوال عقود مع المبالغة فى الإختلاط دون رابط فى الأعمال الفنية كان ممنهجا , وتكون الإجابة فى العمل الدرامى سواء كان فيلما أو مسلسلا على لسان الأبطال أن الناس التى تنقد هى التى فى عقلها شىء غير طبيعى !
تلقين المشاهد الفكرة ثم التعليل أن الناس الملتزمة معقدة نفسيا, كأنه فساد مقصود و مرتب له من نشر الفكرة بالصورة و تقديم أسباب !
مع ما يقوله أهل الفن فى لقاءاتهم فى البرامج من أفكارمبتذلة و إقتناعهم بدرجة حرية أخلاقية منفلتة ثم إصرار الإعلام على تقديم هذا الفكر و تكريم الممثلين بشكل مبالغ فيه هو :
التأثيرعلى الوجدان الدينى للناس بتوجيه مستمر إلى فكر متحرر يهمش القيم الدينية و يجعل الدين ثانويا على هامش حياة الناس لا مؤثرا أصيلا فى حياتهم.
المبحث الثالث : التلفزيون و أحكام الطلاق
تناولت السينما قضية الطلاق كثيرا و أحيانا بشكل هزلى و تدور أحداث حول أحكام الطلاق و هنا المشكلة الكبرى لأن جمهور الأفلام غالبيته جمهور التلفزيون
فى عدة أفلام طوال سنوات أفسدت السينما أحكام الطلاق !
أتناول هنا نماذج على سبيل المثال و نجد الناس يتكلمون عن فقه الطلاق من خلال مشاهدتهم لما حدث فى الأفلام !
أ)فى فقه الطلاق اذا اشترطت المرأة _( الإسم الصحيح الزوج ليس الزوجة لأن الزوج تطلق على كلا الزوجين)_أن يكون لها حق تطليق نفسها هذا لا يسقط حق أصيل للزوج فى التطليق
بمعنى إذا كانت العصمة بيد المرأة لا يسقط حق الرجل فى التطليق
ب)أثناء العدة للطلقة الأولى و الثانية تكون المرأة على ذمة زوجها إذا مات أحدهما يرثه الأخر و بالتالى لا يجوز خطبة المطلقة فى العدة لأنها ما زالت فى عصمة الزوج ليس فقط عدم زواجها بأخر بل لا يمكن خطبتها لأنها ما زالت زوج له.(الزوجة لغويا غير صحيحة)
و بما أنها على ذمة زوجها فلا تغادر بيت الزوجية عسى الله أن يصلح بينها ليس كما يقال فى الأفلام أنها لم تعد زوجته بمجرد إلقاء كلمة التطليق ! بعد إنتهاء العدة سيقع الطلاق و الله شرع هذا حتى لا يقع الطلاق بسهولة و هذا رد على الجهلاء الذين قالوا أن الطلاق يقع بمجرد كلمة من الرجل .
ج) عدة المرأة ثلاث حيضات تختلف المدة حسب طبيعة كل إمرأة , الحيض أقله أربعة عشر يوما و أطوله ستون يوما و متوسطه ثلاث أو أربع أسابيع .
د) لمن إنقطع حيضها عدتها ثلاث شهور قمرية ليست شهور ميلادية.
ه) الطلاق البدعى مثل ( الطلاق فى الحيض أو فى طهر جامعها فيه ) لا يقع الطلاق عند بعض الأئمة المعتبرين .
المبحث الرابع : التلفزيون و الغناء
مع انتشار التلفزيون انتشر الغناء لتكرار بث الأغانى بصورة دائمة على مدار اليوم .
موضوع الغناء سيؤدى بنا للسؤال الدائم :ٍهل الغناء حرام ؟
الإجابة بها تفصيل لنحدد ما هى نوعية الغناء ؟
و الإجابة تدور حول تفسير الأية الكريمة :
" و من الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين "1-
سورة لقمان الأية6 1-
تعليقات
إرسال تعليق