العلمانية فى الدول الإسلامية



 مبدأ " فصل الدين عن الدولة " و هو بدأ تعريف العلمانية Secularism  يناسب الغرب و لا يناسبنا لأن الأسلام توسع فى التشريع فى المعاملات المالية و الجرائم الجنائية و فى الزواج 

و الطلاق و الميراث , باختلاف عن المسيحية فالتشريع فى المسيحية يتركز فى الزواج و الطلاق و تحريم الربا و تحريم الكثير من الخمر , و لم يتطرق للميراث و باقى المعاملات المالية و بالتالى من الممكن فى الغرب فصل الدين عن الدولة لأختصاص غالبية الخطاب الدينى المسيحى ب " العظة " نظرا لطبيعة الأنجيل من التركيز على الموعظة لأنه نزل فى عصر اشتهر فيه اليهود بالغلظة و القسوة فأنزل الله الأنجيل لتهذيب طباع الناس , لكن القرأن الكريم تعرض للتشريع بتوسع فكيف نفصل الدين عن الدولة ؟ و لمن اذن انزل الله التشريع فى القرأن اذا كنا لن نطبقه ؟ ! و من أساسيات ( العقيدة ) أجمع علماء المسلمين أن رفض تطبيق أحكام الدين من نواقض العقيدة ! لأن كيف يكون لك دينا تؤمن به ثم ترفض تطبيقه لأنك تراه غير مناسب ؟!!! ... لكن .... للتوضيح ... ما يقوله علماء الدين على أن العلمانية  ( كفر ) المقصود به دعاة العلمانية الذين يعرفون مقصدهم من تحجيم الدين و عدم تطبيق أحكام  الأسلام ... ليس المقصود من كلمة ( الكفر ) القارىء العادى الذى يخشى على الدين من السياسة فيقتنع قليلا بالعلمانية ! أى أن العبرة بالنية و الله أعلم بنية و مقصد كل شخص . فهناك من يعتقد حقيقة أن العلمانية هى سبب التقدم بسبب ما ينشره اللإعلام عن العلمانية بدون توضيح أن العلمانية تعنى فصل الدين عن المجتمع !
 حتى من دعاة العلمانية هناك من لا يعرف أن لله تعالى حكمة فى التشريع و أن تشريعه سبحانه يصلح لكل زمان !
 هناك من يقصد عزل الدين بسوء نية عن المجتمع و هذا هو المقصود بالتكفير ...
فى العلمانية وجهة النظر السائدة أن الحديث عن الدين يكون فى الكنيسة أو المسجد ليس فى نطاق العمل و المجتمع مثال : نرفض الرشوة لأنها ضارة بالمجتمع و مجرمة قانونا و هكذا دون التطرق لأنها حرام ! و القول بأن العلمانية نشأت لصرف الناس عن الأديان بعد انشغال الناس بالغيييات و الخرافات الدينية فى أوروبا فى العصور الوسطى و هو تعريف عالمى و فى دائرة المعارف البريطانية !
فصل الدين عن الدولة المراد منه عدم الحديث عن دور للأديان فى المجتمع و التشريعات ....
·فى الإسلام لا توجد ( دولة دينية )...,
فى المدينة المنورة أسس الرسول عليه الصلاة و السلام ( دولة مدنية )  و عقد اتفاقية مع اليهود بالمدينة بأن لهم حقوق و واجبات و هى أول وثيقة مواطنة فى التاريخ !
أما الدولة الدينية فيمثلها حاليا دولة الفاتيكان و هى أصغر دولة فى العام مساحتها نحو 2.5 كيلومتر مربع فقط أى مساحة الفاتيكان و ما حوله و رئيس دولة الفاتيكان هو بابا الفاتيكان كتشريف أما فى الدول الأسلامية فلم تنشأ دولة دينية بخلاف ايران كنظام شيعى و ان كان هم انفسهم لا يقولون بدولة دينية بل دولة مدنية بها ( ولاية الفقيه ) .....
فى الغرب كنظام علمانى يتم الزواح المدنى ان كانت هناك موانع فى الزواج الدينى فى الكنيسة , مثال يتزوج الفرد فى أوروبا دون التقيد بالمذهب أو الملة خلافا لرأى الكنيسة و فى هذا الحال يعقد زواجا مدنيا و لا يتم الزواج بالكنيسة ,, لكن اذا طلق هذا الشحص و أراد الزواج ثانية بالكنيسة ترفض الكنيسة اعطاؤه ( البركة ) لأنه خالف التعاليم الدينية من قبل فى الزواج الأول !
فى الأسلام لا توجد ( عصمة ) لعلماء الدين , و نحن نسمع التوجيه و الفتوى من العلماء و بارادتنا نطيع لمرجعيتنا الدينية , لا يملك علماء الدين و الأئمة ( سلطة سياسة) أو (  سلطة روحية على الحاكم ) كما هو الحال فى الدولة الدينية .
و لطرح كل الجوانب أذكر أن المسلمين انتفعوا من التوجه (  الليبرالي - العلماني ) فى بعض الدول مثل ( بريطانيا - الولايات المتحدة الأمريكية )  لنشر الدعوة الإسلامية دون قيود  لكن فى بعض الدول ( العلمانية المتشددة ) مثل ( فرنسا ) تم منع الطالبات  المسلمات المحجبات من دخول المدارس فى فرنسا صاحبة شعار ( الحرية - الأخاء - المساواة ) ! مع أن الطلاب اليهود فى فرنسا يدخلون مدارسهم بالقبعة السوداء الصغيرة التى توضع على قمة الرأس المميزة لليهود فى ذات الوقت الذى تم منع فيه المحجبات !!!
و الأغرب أننا نلاحظ أن العلمانيين فى الدول الأسلامية أشد تطرفا من علمانيو الغرب مثال : تركيا من عصر أتاتورك الذى منع الأذان فى  مسجد ( أنا صوفيا ) القريب من قصره قائلا " أنا أسمع اسم هذا الرجل يتردد فى اليوم أكثر من اسمى " قاصدا الرسول عليه الصلاة و السلام !!!
 و منع تعلم اللغة العربية و قال  فى البرلمان التركى ممسكا بالمصحف الشريف متهكما  ( ما حاجتنا فى القرن العشرين بكتاب يحلف بالتين و الزيتون !!!  حتى وصول الإسلاميين للحكم فى تركيا عام 1995 و أيضا تونس قبل الثورة التونسية عام 2011 , كانت المحجبة تمنع من التعليم و العلاج و التعييين فى الوظائف الحكومية ! و يمنع النزول من العمل لصلاة الجمعة و بالتالى يتم عمل جزاء ادارى , و فى الخمسينات قام رئيس تونس الحبيب بورقيبه بالأحتفال فى الشارع بخلع حجاب المرأة التونسية !
و فى مصر فى مايو 2011 بعد الثورة مباشرة قرأت مقالا فى جريدة ( المصرى اليوم ) ل خالد منتصر ( طبيب له مقالات سياسية توجهه علمانى )   يطالب الجيش ( كان المجلس العسكرى يقوم بدور الحاكم ) بحماية الدولة المدنية طبقا لوصفه فكتب الأتى بالنص : " على الجيش حماية الدولة المدنية ففى تركيا كانت المحجبة تمنع من حقها فى التعليم و العلاج " !
 نلاحظ أنه كتب عن تعليم و علاج المحجبة ( حقها ) هو مقر بأن لها هذا الحق ! لكنه يقيد حصولها على حقها فى عدم التحجب !!! هل هذا هو مفهوم الحرية السياسية لمن يريد تقليد الغرب فى الديمقراطية ؟ ! عندنا علمانيون أشد تعصبا من العلمانيين فى أوروبا و امريكا !
و  فى لقاء تلفزيونى أثار ضجة  استضاف المذيع \ عمرو أديب  أستاذ العلوم السياسية .. عمرو حمزاوى  و من المعروف أن عمرو حمزاوى توجهه ( ليبرالى  - علمانى )  أجاب ردا على سؤال عمرو اديب عن زواج المسلمة من مسيحى ... بأنه لا مانع عنده ...! لأنه طبقا لما رواه ... من يجد مشكلة فى الزواج الدينى ( الزواج طبقا للشريعة )  يلجأ الى الزواج المدنى  ( زواج تعترف به الدولة بغض النظر عن موافقته للشرائع السماوية مثلما الحال فى الغرب يتم الزواج  المدنى بين الطوائف المسيحية  المختلفة حتى مع عدم اعتراف الكنيسة بالزواج ) ...و استفسر المذيع للتأكد .. فأكد عمرو حمزاوى رأيه ..و قال أنه يعلم أن الكثرين سيخالفونه فى رأيه ...!!!
 لكنه يوافق على الزواج الباطل شرعا .! .. كيف ..؟ هناك من العلمانيين من لا يقصد سوء نيه .. هو فعلا مقتنع بـأن تحجيم الدين و فصله عن المجتمع لصالح الناس ..! تأثرا مبالغا فيه بالثقافة الغربية ..! لأن الكثير من العلمانيين فى مصر حكموا على الأسلام بوجهة نظر غربية التى حكمت على فساد الكنيسة التى باعت صكوك الغفران للبسطاء ...! مع أنه لطبيعة الأخلاف بين السلام و المسيحية  من وجود ( علماء دين )  و عدم وجود ( رجال دين ) واسطة بين الناس و الله تعالى .. لم يحدث على مدار التاريخ الأسلامى  أن تدخل الئمة فى الحياة الشخصية للناس ..! عكس ما حدث فى أوربا  فى القرون الوسطى ..! لا نحكم على الحضارة الأسلامية من خلال ثقب ينظر على أخطاء الكنيسة فى أوروبا قديما ...!!!
خلاصة القول : اتفق علماء المسلمين ( بالأجماع ) على أن العلمانية لا تتفق مع المسلمين 
و أوضح : لأنها تحصر الدين فى العبادات و فى دور العبادة مع أن الهدف من الدين هو توجيه المجتمع توجيها صحيحا و الدين به تشريعات للزواج و الطلاق و المواريث و المعاملات المالية و تحديد أصول المعاملة بين الناس من مودة و تراحم , الله تعالى أنزل الدين بنطبق أحكام الدين و ننفذ شريعته فى مجتمعاتنا ليس مجرد طقوس فى دور العبادة كما تحدد  العلمانية أن الدين مكانه الكنيسة و المسجد فقط ! و حياتنا و معاملاتنا ؟ !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

احتفالات أسبانيا بسقوط الأندلس

الطعن فى الحجاب

بطل الصاعقة عبد الجواد سويلم